السلاحف البحرية: قدامى ملاحي المحيط

لطالما أسرت طيور الفلامنجو كل من يراها بريشها زاهي الألوان وسيقانها الطويلة الرفيعة وجسمها الرشيق ومنقارها المميز. اكتشفوا معنا حقائق مدهشة عن هذه الطيور المتألقة، كأنواعها المختلفة ومواطن عيشها وطرق المساعدة في حمايتها.

هل طيور الفلامنجو كائنات اجتماعية؟ نعم، فهي تعيش في مجموعات تبحث عن غذائها وتبني أعشاشها معًا. ويطلق على المجموعة من طيور الفلامنجو اسم مستعمرة.

رسالة ترحيب من ميجيل

تتواجد السلاحف البحرية في مختلف أنحاء العالم تقريبًا، باستثناء البحار القطبية. وتعيش السلاحف البحرية البالغة في المياه الساحلية الضحلة والخلجان والبحيرات الشاطئية. وبينما يبقى الذكور في البحر طيلة حياتهم، فإن إناث السلاحف البحرية تتجه إلى الشاطئ لتضع بيضها كل سنتين أو ثلاث سنوات.

تتغذى السلاحف البحرية على اللحوم (لاحمة) أو النباتات (عاشبة) أو كليهما (قارتة). ويتفاوت نظامها الغذائي بحسب نوعها وتركيبة فكّها.

فعلى سبيل المثال، يعتبر الإسفنج الغذاء المفضل لسلحفاة منقار الصقر. أما السلاحف الخضراء فهي تملك فكًا مسننًا، وبالتالي فإنها غالبًا ما تتغذى على الأعشاب البحرية والطحالب.

تمتاز السلاحف مسطحة الظهر بفك سفلي ذو حواف مسننة قليلًا، مما يساعدها على التهام المحار وخيار البحر وأقلام البحر وقناديل البحر، بالإضافة إلى غيرها من اللافقاريات البحرية. أما السلاحف جلدية الظهر فتملك فكًا ضعيفً نسبيًا مقارنة بغيرها من السلاحف البحرية، مما يجعله غير ملائم للمضغ. لذا فإن غذاء هذا النوع من السلاحف يتألف بشكل رئيسي من قناديل البحر وغيرها من الكائنات البحرية الطرية.

وتملك أنواع أحرى من السلاحف البحرية، مثل السلحفاة الحنفاء وسلحفاة كيمب ريدلي وريدلي الزيتونية فكًا قويًا قادرًا على سحق وطحن الطعام، وهو ما يمكنها من التهام سرطان البحر والروبيان والأصداف وقناديل البحر والنباتات المائية.

بعض أنواع السلاحف تغير نظامها الغذائي وعاداتها الغذائية عندما تصل إلى مرحلة النضوج. فالسلاحف الخضراء تلتهم اللحوم غالبًا خلال الطفولة، ثم تبدأ بتناول المزيد من النباتات حتى وصولها مرحلة البلوغ.

تعيش السلاحف البحرية في بيئتها الطبيعية عمرًا طويلًا يتراوح بين 50 إلى 100 عام. ولكن عند وصولها مرحلة النضوج، فإن عمرها الإنجابي يقدّر بـ 30 سنة.

تهاجر السلاحف البحرية آلاف الأميال كل عام. يبدأ موسم الهجرة بعد تفقيس البيض ومغادرة الأعشاش. هاجر صغار السلاحف البحرية والسلاحف البالغة بشكل موسمي بحثًا عن مواطن عيش أكثر ملاءمة من حيث درجة الحرارة ومصادر الغذاء.

وتتفاوت عادات السلاحف البحرية في الهجرة بحسب نوعها وأعدادها. فعلى سبيل المثال، تتنقل بعض مجموعات سلاحف ريدلي الزيتونية بين مناطق الغذاء ومناطق الأعشاش في شرق المحيط الهادئ والمحيط الهندي. أما السلاحف البحرية ذات الظهر المسطح فتهاجر من مناطق الأعشاش في شمال أستراليا إلى شمال شرق أستراليا حيث يتواجد الغذاء بوفرة.

تصنف السلاحف البحرية علميًا كالآتي:

الصف: الزواحف

الرتبة: السلحفيات

العائلات: عائلة السلاحف البحرية الحقيقية (Chelonioidea) وعائلة السلاحف جلدية الظهر (Dermochelyidae).

تنتمي جميع السلاحف التي تملك صفائح تغطي صدفتها إلى عائلة السلاحف البحرية الحقيقية. أما السلاحف جلدية الظهر التي لا تغطي صدفتها الصفائح وتمتاز بملمس جلدي فهي النوع الوحيد الذي ينتمي لعائلة السلاحف جلدية الظهر.

فيما يلي بعض أبرز الخصائص الجسدية والسلوكيات التي تميز السلاحف البحرية:

الحجم

تعتبر السلاحف جلدية الظهر أكبر أنواع السلاحف البحرية حجمًا، حيث يصل مدى درعها (وهو الصدفة الصلبة العلوية) بين 1.2 و1.8 متر. ويبلغ وزن هذه السلحفاة بين 200 و900 كيلوجرام.

أما سلحفاة ريدلي الزيتونية فتعتبر أصغر أنواع السلاحف البحرية حجمًا، حيث يبلغ متوسط طول درعها بين 51 و75 سنتيمتر، ووزنها بين 33 و50 كيلوجرام.

الصدفة

تمتاز السلاحف البحرية بصدفات كبيرة ذات أشكال مختلفة، تتفاوت بين الشكل البيضوي أو الدائري أو الشبيه بالقلب. وتحمي هذه الصدفة السلاحف من الحيوانات المفترسة ومن الإصابات. وباستثناء السلاحف جلدية الظهر، فإن صدفة السلحفاة البحرية مصنوعة من العظم المدمج.

يمتاز ذكور وإناث السلاحف البحرية من النوع الواحد بنفس الحجم.

اللون

تتميز السلاحف البحرية بألوان مختلفة بحسب نوعها. فعلى سبيل المثال، تمتاز السلاحف جلدية الظهر بدرع أسود اللون (السطح العلوي من الصدفة) مع بقع بيضاء، ودرع بطني (السطح السفلي من الصدفة) أبيض اللون مع علامات داكنة اللون. أما سلحفاة منقار الصقر فتمتاز بصدفة ذات ألوان متمازجة تجمع بين لون العنبر والبني والأسود والبرتقالي والأحمر والأصفر.

الزعانف

تستخدم السلاحف البحرية زعانفها أو أطرافها للسباحة بشكل رئيسي. ولا يمكنها سحف زعانفها إلى داخل صدفتها.

السلوك

السلاحف البحرية ليست كائنات اجتماعية. وهي تعيش حياة منفردة بمجرد أن تفقس وتتوجه إلى المحيط، وذلك حتى تصل إلى مرحلة التزاوج. إلا أن بعض أنواع السلاحف البحرية تتجمع معًا أثناء تواجدها في وسط البحر.

نجحت السلاحف البحرية بتطوير هذه الخصائص المميزة لمساعدتها في التكيف والنجاة وسط التغيرات المستمرة التي تشهدها البيئة البحرية:

السباحة

تطورت الأطراف الأمامية للسلاحف البحرية لتصبح زعانف طويلة شبيهة بالمجداف، مما يعزز من قدرتها وسرعتها في السباحة. وتشير بعض الأرقام إلى أن السلاحف جلدية الظهر قادرة على السباحة بسرعات تتراوح بين 1.5 و9.3 كيلومتر في الساعة.

التنفس

هل يمكن للسلاحف البحرية أن تتنفس تحت الماء؟ تنتمي السلاحف البحرية إلى فصيلة الزواحف وهذا يعني أنها غير قادرة على التنفس تحت الماء وحاجتها لتنفس الهواء. إلا أن بعض السلاحف البحرية، بحسب نوعها، قادرة على حبس نفسها لمدة تتراوح بين 45 دقيقة وقد تصل إلى خمس ساعات كحد أقصى.

يمكن للسلحفاة السوداء أن تدخل مرحلة بيات شتوي خلال أشهر الطقس البارد.

يمكن للسلاحف البحرية استبدال ما نسبته 27% إلى 80% من الهواء داخل رئتيها، وهي نسبة تتجاوز بكثير تلك التي يمكن للزواحف البرية تحقيقها. وبفضل هذه الخاصية، فإن السلاحف البحرية قادرة على تجديد الغازات داخل رئتيها من خلال أنفاس معدودة.

الغطس والغوص

السلاحف البحرية من ذوات الدم البارد، وتمتاز بمعدل أيض بطيء مما يتيح لها البقاء تحت الماء لفترات طويلة، كما يتيح لها الاحتفاظ بطاقتها وتجنب الكائنات المفترسة. ويمكن للسلاحف الخضراء تحديدًا البقاء تحت الماء لفترة تصل إلى خمس ساعات. كما تمتاز هذه الكائنات البحرية بمهارات غوص مذهلة، حيث يمكن للسلحفاة جلدية الظهر الغوص حتى عمق 1,190 متر (3,900 قدم).

فيما يلي بعض الحقائق المثيرة للاهتمام حول السلاحف البحرية:

• يمكن لخبراء الحيوانات تحديد نوع السلحفاة البحرية من خلال عدد وشكل الصفائح على صدفتها. فعلى سبيل المثال، تمتاز سلحفاة منقار الصفر بخمس صفائح مركزية وأربع صفائح جانبية، أما سلحفاة ريدلي الزيتونية فلديها خمس صفائح مركزية وست صفائح جانبية أو أكثر.
• تساعد خاصية الألوان المتعاكسة (وهي أحد أنواع التمويه التي يكون فيها لون الكائن من الأعلى داكنًا بينما يكون لونه من الأسفل فاتحًا) في حماية السلاحف البحرية من الكائنات المفترسة. فظهرها ذو اللون الداكن يتماهى مع لون المياه عند النظر إليها من الأعلى، بينما تصعب رؤية لون بطنها الفاتح عند النظر إليها من الأسفل.
• بعض أساليب التكيف التي طورتها السلاحف البحرية تجعلها بطيئة مرتبكة وضعيفة أثناء تواجدها على اليابسة. فعلى سبيل المثال، تكيفت أطراف السلحفاة البحرية للسباحة وليس للسير على الرمل، مما يجعل من الصعب عليها الزحف بسرعة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن السلاحف البحرية غير قادرة على سحب أطرافها إلى داخل صدفتها، مما يعني أنها لا تستطيع الاختباء بسرعة من الكائنات المفترسة. وبسبب ثقل وزن جسم وأطراف أنثى السلاحف البحرية، فإن رحلتها لوضع البيض على اليابسة تستغرق وقتًا طويلًا.

بحسب تصنيف الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة، فإن سلحفاة منقار الصقر وسلحفاة كيمب ريدلي مهددتان بالانقراض بالدرجة الأولى. كما يصنف الاتحاد السلاحف الخضراء باعتبارها مهددة بالانقراض، والسلحفاة الحنفاء والسلحفاة جلدية الظهر وسلحفاة ريدلي الزيتونية باعتبارها معرضة لخطر الانقراض. ولا يوجد ما يكفي من البيانات فيما يتعلق بحالة السلاحف ذات الظهر المسطح.

ولكن، ما السبب في كون بعض أنواع السلاحف البحرية مهددة بالانقراض؟ السبب في ذلك يعود إلى عوامل التهديد التالية:

• الأنشطة البشرية، بما في ذلك الصيد الجائر ووقوعها عرضيًا في مصائد الأسماك
• التلوث
• التطوير العمراني في السواحل، والذي يؤثر على مواطن بناء أعشاش السلاحف البحرية
• تراجع الغابات
• التغير المناخي
• الكائنات المفترسة، ومنها سمكة قرش النمر وحيتان الأوركا التي تتغذى على السلاحف البحرية في المحيط. أما على اليابسة، فإن سرطان البحر الرملي (أو سرطان الشبح) والراكون والكلاب والنوارس عادة ما تهاجم أعشاش السلاحف البحرية أو تصطادها أثناء رحلتها الأولى نحو البحر.

من المبادرات العالمية للمحافظة على السلاحف البحرية جهود حماية مناطق بناء الأعشاش، وتنظيم أدوات الصيد وتقليل مخاطر وقوعها في مصائد الأسماك. كما تم تنفيذ العديد من المشاريع لتتبع وإعادة تأهيل السلاحف البحرية المصابة، وإجراء المزيد من البحوث وتعزيز جهود الحفاظ عليها.

بإمكانكم المساهمة في حماية السلاحف البحرية بالطرق التالية:

• التخلص دائمًا وبشكل مسؤول من النفايات للحفاظ على نظافة وسلامة الشواطئ
• تجنب استخدام الإضاءة الاصطناعية لإنارة الشواطئ خلال موسم بناء أعشاش السلاحف البحرية وذلك لحماية مواطن عيشها الطبيعية
• تجنب شراء القطع والتحف المصنوعة من أصداف السلاحف البحرية لمكافحة التجارة غير القانونية بأشكال الحياة البرية
• هدم القلاع الرملية قبل مغادرة الشاطئ. فالقلاع الرملية تبدو كالجبال بالنسبة لصغار السلاحف البحرية التي فقست لتوها وتبدو عائقًا في طريقها أثناء رحلتها الأولى من العش إلى المحيط!

شاهدوا السلاحف البحرية تجوب مواطن عيشها الديناميكية في محيط أبوظبي في سي وورلد جزيرة ياس، أبوظبي. ستدهشكم بأصدافها الرائعة وتبهركم بمهارتها في السباحة والغوص.

إذا كنتم قد استمتعتم بهذه المقالة، سجلوا لتلقي النشرة الدورية والتعرف على موعد نشر مقالة جديدة.